مَغْرُورَةٌ
أَنْتِ!
البسيط
قُولِي
أُحِبُّكَ قَوْلَ الْوَامِقِ الْكَمِدِ
فَمَا هَوَانَا مَدَاهُ غَايَةُ الأَبَدِ (1)
*
خَفَّ
الْحَنِينُ ، فَعَزِّي الْقَلْبَ نَائِيَةً
نَارُ الأَسَى وَ الْجَوى فِي كُلِّ
مُعْتَمَدِ (2)
*
لَمْ
تَأْتِ مُعْضِلَةٌ إِلاَّ سَعَيْتِ لَهَا
شَتَّانَ بَيْنَ سَبِيلِ الْغَيِّ وَ
الرَّشَدِ (3)
*
فَأَيْنَ
مِنْكِ دُمُوعُ الْعَيْنِ مُتْرَعَةً ؟
وَ أَيْنَ مِنْكِ امْتِزَاجُ الرُّوحِ
بِالْجَسَدِ ؟ (4)
*
إِنِّي
أَخُو سَفَرٍ ، فِي الْجَوِّ مُرْتَهَنٌ
قَدْ غَابَ عَنِّي أَنِيسُ الْقَلْبِ فِي
بَلَدِي
*
تَأْبَى
مَخَاطِرُهُ إِلاَّ مُنَاقَضَتِي
فَأَشْتَكِي وِزْرَ آفَاتِي إِلَى السَّهَدِ (5)
*
مَا
يَنْقَضِي عَجَبِي مِنْ غَمْزِ غَانِيَةٍ
مُضِيفَةٍ مِنْ عُيُونِ الأُنَّسِ الْخُرُدِ (6)
*
وَقَدْ
فَهِمْتُ الْهَوَى مِنْ عَيْنِ رَاكِبَةٍ
تَرْنُو إِلَيَ وَ لاَ تَرْنُو إِلَى
أَحَدِ
(7)
*
دَسَّتْ
إِلَيَّ كِتَاباً ، طَعْمُهُ عَسَلٌ
فَظَلَّ يَسْفَحُ بَيْنَ الرَّقِ و الْكَبِدِ (8)
*
فَبِتُّ
أَرْسُمُهَا طَيْفاً يُؤَرِّقُنِي
وَ نَائِلاً غَيْرَ مَيْسُورٍ وَ لَا أَوَدِ (9)
*
إِذَا
أَرَدْتُ مَلأْتُ الْقَلْبَ غَيْرَكُمُو
حُباً بِحُبٍ ، فَلَمْ أَرجِعْ ، وَلَمْ أَكَدِ
*
أَمْ
لاَ أُقَارِبُ وَجْداً مَنْ يُقَارِبُنِي
وَ لا أُدَانِي بِحُبِّي صَادِقَ
الْوَعَدِ ؟
*
أَمَا
سَأَلْتِ عَلَيْنَا جِدُّ آسِفَةٍ
وَ لا
سَألْتِ عَنِ الْقَلْبَيْنِ مَا بِيَدِي ؟
*
أَمَا
تَغَارِينَ فِي حِلِّي وَ فِي سَفَرِي ؟
مَغْرُورَةٌ أَنْتِ ! فِي ثَوْبٍ مِنَ
الزُّهُدِ
*
ثُورِي
! فَمَا زَالَ لِلْعُشَّاقِ مُتَّسَعٌ
مِلْءَ الزَّمَانِ ، وَ مِلْءَ النَّاسِ
بِالْعَدَدِ
*
قَدْ
حَانَ مِنْكِ صَفَاءُ الْقَوْلِ فَاعْتَرِفِي
لا تَدَّعِي الْخِصْبَ فِي أَحْلاَمِكِ
الْجُدَدِ(10)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الوامق : الواو والميم والقاف: كلمةٌ واحدة، وهي الومقُ : الحب ، يَمِقُه، نادر، مِقةً وومْقاً أَحبه.
والتومق : التوددّ، والمِقة: المحبة، والهاء عوض من الواو، وقد
يَمِقه، بالكسر فيهما، أَي أحبه، فهو وامِق.وفي الحديث: أَنه اطَّلع من وافِد قوم
على كذبة فقال: لولا سَخاء فيك ومِقَكَ اللهُ عليه
لشَرَّدْتُ بك، أَي أَحبك الله عليه. الكمد : تغيرُ
اللونِ وذَهابُ صفائه وبقاءُ أَثَرِه. وفي حديث
عائشة، رضي الله عنها: كانت إِحدانا تأْخُذُ الماءَ بيدها فَتَصُبُّ على رأْسها
بإِحْدى يديها فتكمدُ شِقَّها الأَيمنَ . 2- الجوى : الحُرْقة وشدَّة الوَجْدِ
من عشق أَو حُزْن، ابن سيده: الهَوَى الباطن،السُّلُّ وتطاوُل المرض . 3-
الغيُ : الضَّلالُ والخَيْبَة. غَوَى، بالفَتح،
غَيّاً وغَوِيَ غَوايَةً؛ الأَخيرة عن أَبي عبيد: ضَلَّ. 4- مترعة ٌ : ترع:
امتَلأَ. وسَيْلٌ تَرّاع أَي
يملأُ الوادي، 5- السهدٌ : والسُّهادُ نَقيضُ
الرُّقاد؛ قال الأَعشى: أَرِقتُ وما هذا السُّهادُ المُؤَرِّقُ ، الجوهري:
السُّهادُ الأَرَقُ. بضم السين والهاء: القليل من
النوم. 6- غانيةٌالتي غَنِيَتْ بحُسْنِها وجمالها عن الحَلْي، وقيل: هي التي
تُطْلَب ولا تَطْلُب، وقيل: هي التي غَنِيَتْ ببَيْتِ أَبَويْها ولم يَقَعْ عليها
سِباءٌ. قال ابن سيده: وهذه أَعْزَبُها؛ وهي عن ابن جني، وقيل: هي الشابَّة
العَفيفة، كان لها زَوْجٌ أَو لم يكُنْ. الفراء: الأَغْناءُ إملاكاتُ العَرائسِ.
الأُنّسُ : الإِيناسُ: خلاف الإِيحاش، وكذلك التَّأْنيس.
وجارية ٌ آنسةٌ : طيبة الحديث؛ إِذا كانت طيبة النَّفْسِ
تُحِبُّ قُرْبَكَ وحديثك، وجمعها أنسلتٌ وأوانسٌوما
بها أَنِيسٌ أَي أَحد، والجمع الأُنُسُ . الخردُ : جمع والخريدة مفردها : الخَرِيدَة والخَرِيد والخَرُود من النساء: البكر التي لم
تُمْسَسْ قط، وقيل: هي الحيية الطويلة السكوت الخافضة الصوت الخَفِرة المتسترة قد
جاوزت الإِعْصار ولم تَعنَس، والجمع خرائد وخردٌ والأَخيرة
نادرة لأَن فعيلة لا تجمع على فُعَّل، 7- يرنو : رنا : إدامة النَّظَر مع سكونِ الطَّرْف. 8- يسفحُ : سفح : سَفَحَ الدمعُ أرسلهُ ، الرّقُ :
بالفتح: ما يُكتب فيه وهو جِلْد رَقِيق، ومنه قوله تعالى:
في رَقٍّ مَنْشُور؛ أَي في صُحُفٍ. 9- أود ٌ : آدهُ الأمرُ أوْداً وأُوُوداً: بلغ منه المجهود والمشقة؛ وفي التزيل العزيز: ولا
يؤوده حفظهما؛ قال أَهل التفسير وأَهل اللغة معاً: معناه
ولا يكرثه ولا يثقله ولا يشق عليه . 10 -
الجدد : الخِطَطُ والطُّرُق، تكون في الجبال خِطَطٌ
بيض وسود وحمر كالطُّرُق، واحدها جُدَّةٌ؛ وأَنشد قول امرئ القيس: كأَن سَراتَهُ
وجُدَّةَ مَتْنِه كنائِنُ يَجْرِي، فَوقَهُنَّ، دَلِيصُ .
مُرِ
الْلَيَالِي بِبَعْضِ الْحُبِّ تَسْكُبُهُ
كَجُرْعَةٍ مِنْ شَرَابِ الشَّوْقِ فِي بَرَدِ
*
سَتَعْلَمِينَ
فَلاَ تُعْطِيهُمُو خَبَراً
إِنْ أَنْتِ فَارَقْتِنَا مَنْ مَائِلُ السَّنَدِ
*
لاَ
تَفْتَرِي ! أَبَداً فِي خَوْضِ مَلْحَمَةٍ
فَلَنْ أُصَالِحَ وَ الأَيَّامُ فِي
نَكَدِ
*
لاَزِلْتِ
وَ الْلَيْلُ مُغْفٍ ، وَ الْهَوَى أَلَمٌ
زَهْراً تَفَتَّحَ فِي قَلْبِي وَ فِي
خَلَدِي
*
يَا
حَسْرَتَا ، مَا أَرَى فِي الشِّعْرِ مُغْتَرَفاً
أَنْ لاَ مَسَافَةَ بَيْنَ الْحُبَّ
وَ الْفَنَدِ(11)
*
وَقَفْتُ
بِالشِّعْرِ حَداً لَنْ أُجأوِزَهُ
وَلَنْ أَلُوذَ بِهِ مَلآنَ مِنْ وَجَدِ
*
لأَكْسِرَنَّ
يَرَاعِي فَالْهَوَى عَبَثٌ
شَرٌّ عَلَى الْقَلْبِ ، مِنْ سُقْمٍ عَلَى
الْجَسَدِ (12)
***
طرابلس
الغرب 2009.10.12
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
11- الفند : الخَرَفُ وإِنكار
العقل من الهَرَم أَو المَرضِ، وقد يستعمل في غير الكِبَر وأَصله في الكبر،
والفند : الخطأُ في الرأْي والقول. وفي التنزيل العزيز حكاية عن يعقوب، عليه السلام: لولا أَن
تُفَنّدُونَ قال الفراء: يقول لولا أَن تُكَذِّبوني
وتُعَجِّزُوني وتُضَعِّفُوني.12- اليراعُ في الأصلِ : القصب والمزمار وهو
القصب المثقوب قال الأَزهريّ: القَصبة التي يَنْفُخ فيها
الراعي تسمى اليراعة ومنها سميَ القلم يراعُ أي القصبة التي يكتب بها
واليراعة الريشة التي يكتب بها ،وفي حديث ابن عمر: كنتُ مع
رسولِ لله، صلى الله عليه وسلم، فسمع صوتَ يراعٍ أَي
قَصَبَةٍ كان يُزْمَرُ بها. ولها معان كثيرة : أَوْلادُ
بقر الوحش.ا لجبانُ الضعِيفُ. ذباب يطير بالليل كأَنه نارٌ. فَراشةٌ
إِذا طارت في الليل لم يَشُكَّ مَن يعرفها أَنها شَرارةٌ طارَتْ عن نار،طائر صغير،
إِن طار بالنهار كان كبعض الطير، وإِن طار بالليل كان كأَنه شِهاب قُذِفَ أَو
مِصْباح يطير؛ واليراعةُ النّعامةُ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق